في أول يوليو عام 2002، ألقى الرئيس الصيني جيانغ تسه مين كلمة هامة أمام مؤتمر الاحتفال بالذكرى الخامسة لعودة هونغ كونغ إلى الوطن الأم ومراسم تنصيب الدورة الثانية لحكومة منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة. وفيما يلى نص الكلمة:
كلمة أمام مؤتمر الاحتفال بالذكرى الخامسة لعودة هونغ كونغ إلى الوطن الأم ومراسم تنصيب الدورة الثانية لحكومة منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة (01/07/2002)
رئيس جمهورية الصين الشعبية جيانغ تسه مين
أيها الأشقاء والأصدقاء:
في مثل هذا اليوم قبل خمس سنوات، كنت قد أعلنت هنا نيابة عن الحكومة المركزية استئناف الحكومة الصينية ممارسة سيادتها على هونغ كونغ وإنشاء منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة بصورة رسمية. ونجتمع اليوم مرة أخرى في إحتفال ضخم بالذكرى الخامسة لعودة هونغ كونغ إلى الوطن الأم. ونيابة عن الحكومة المركزية والشعب الصيني من مختلف القوميات أقدم أطيب التحيات لمواطني هونغ كونغ من مختلف الأوساط! وتهنئة صادقة للسيد تونغ تشي هوا الرئيس التنفيذي للمرة الثانية لمنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة وكبار المسئولين وأعضاء المجلس التنفيذي في الدورة الثانية لحكومة هونغ كونغ والذين أدوا اليمين قبل قليل!
إن السنوات الخمس الماضية على عودة هونغ كونغ إلى الوطن الأم هي خمس سنوات أصبحت فيها نظرية "دولة واحدة ونظامان" واقعا حيا وتغلبت فيها حكومة المنطقة الإدارية الخاصة بقيادة السيد تونغ تشي هوا على صعوبات مختلفة وناضلت للتقدم بالتضامن مع شخصيات مختلف أوساط هونغ كونغ. وكانت هونغ كونغ قد تعرضت للأزمة المالية التي اجتاحت آسيا بعد فترة وجيزة من عودتها إلى الوطن الأم وعانت من التأثيرات السلبية الناجمة عن التغيرات التي طرأت على البيئة الاقتصادية الدولية، ولكن بفضل الدعم الكبير من قبل الحكومة المركزية والقيادة المتزنة لحكومة المنطقة الإدارية الخاصة وتكافل جهود أهالي هونغ كونغ من مختلف الأوساط، نجحت هونغ كونغ في معالجة سلسلة من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية بصورة حكيمة وحافظت على استقرار الوضع. وتطبق في هونغ كونغ اليوم تطبيقا شاملا سياسات "دولة واحدة ونظامان" و"حكم هونغ كونغ على أيدي أهالي هونغ كونغ" و"الحكم الذاتي العالي المستوى"، وظل النظام الرأسمالي باقيا دون تغيير ويواصل الأهالي حياتهم بالطرق التي تعودوا عليها. وما زالت هونغ كونغ تتحلى بخصائص الميناء الحر وتحتفظ بمكانتها كمركز تجاري ومالي وملاحي دولي وما زال هناك إجماع على أنها تعد أحدى المناطق ذات النشاط الأكثر نموا في آسيا حتى العالم بأسره. وقد دلت الحقائق دلالة تامة على أن سياسة "دولة واحدة ونظامان" سياسة سليمة يمكن تطبيقها وأن السيد تونغ تشي هوا وحكومة المنطقة الإدارية الخاصة بقيادته تتمتعان بالحكمة والقدرة التين تمكنانهما من معالجة أي وضع معقد وأن أهالي هونغ كونغ لديهم قدرة كافية على إدارة هونغ كونغ .
إن السنوات الخمس الماضية على عودة هونغ كونغ إلى الوطن الأم هي أيضا خمس سنوات جمعنا فيها خبرات تطبيق سياسة "دولة واحدة ونظامان". وإن تطبيق سياسة "دولة واحدة ونظامان" قضية جديدة كل الجدة تحتاج إلى التجارب والاستكشافات المشتركة من قبل الحكومة المركزية وحكومة المنطقة الإدارية الخاصة وأهالي هونغ كونغ. ونستنتج من الخبرات التي حصلنا عليها خلال السنوات الخمس الماضية أنه في أي حال من الأحوال لا بد من تطبيق سياسة "دولة واحدة ونظامان" والقانون الأساسي لمنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة تطبيقا شاملا وسليما، ودعم الرئيس التنفيذي وحكومة المنطقة الإدارية الخاصة في ممارسة الحكم دعما كاملا، وتعزيز التضامن فيما بين أهالي هونغ كونغ من الأوساط المختلفة تحت راية حب الوطن وحب هونغ كونغ تعزيزا ملموسا، والسعي وراء الحفاظ على استقرار المجتمع وانسجامه وازدهار الاقتصاد وتطوره. وما دمنا نتمسك بهذه المبادئ سنقدر بكل التأكيد على إزالة العقبات التي تعوقنا من التقدم مهما كانت وستحقق قضية "دولة واحدة ونظامان" بكل تأكيد نجاحات أكبر.
كانت سياسة "دولة واحدة ونظامان" من طرح فكرتها إلى تطبيقها في هونغ كونغ بصورة ناجحة قد مرت بمرحلة غير عادية. السيد دنغ شياو بينغ هو مؤسس قضية "دولة واحدة ونظامان" حيث أبدع وعرض النظرية بحكمته وشجاعته بصفته سياسيا عظيما الأمر الذي قدم طريقة عملية لتحقيق الوحدة الوطنية سلميا. وتحت رعايته وبناء على توجيهاته أجريت المفاوضات الصينية البريطانية حول مسألة هونغ كونغ ووضع مشروع القانون الأساسي لمنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة والذي يتحلى بمغزى الإبداع بكل معنى الكلمة. وكان الوضع الدولي قد شهد تغيرات كبيرة بعد دخول هونغ كونغ فترة الانتقال النهائية غير أننا نتمسك بثبات بسياسة "دولة واحدة ونظامان" منذ البداية وحتى النهاية، وأنجزنا جميع الأعمال المتعلقة باستئناف ممارسة السيادة على هونغ كونغ بصورة منتظمة وحققنا الانتقال السلس لهونغ كونغ. وباستعراضنا لهذه المرحلة، نلمس أن وصول هونغ كونغ إلى وضعها اليوم لم يكن سهلا. ولا يفوتنا أن نشير هنا إلى أن تقوى الوطن الأم يوما بعد يوم هو ضمان أساسي لعودة هونغ كونغ بصورة سلسة ونجاحنا في تطبيق سياسة "دولة واحدة ونظامان" في المنطقة بعد عودتها، وهو أيضا سند قوي للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والازدهار الاقتصادي المستمرين في هونغ كونغ.
وتتطور الآن تعددية أقطاب العالم والعولمة الاقتصادية باستمرار وبصورة عميقة، وتتقدم العلوم والتكنولوجيات كل يوم، وتشتد منافسة القوى الشاملة لدول العالم يوما بعد يوم، ويشهد الوضع الدولي تغيرات عميقة. فلا بد لنا أن نواكب مستجدات التطورات هذه ونستغلها في دفع تنمية بلادنا بصورة أفضل. وبعد أكثر من عشرين عاما من الاصلاح والانفتاح وبناء التحديثات، ارتفعت قوى بلادنا الشاملة بصورة ملحوظة، وبلغ مستوى معيشة الشعب مستوى الحياة الرغيدة بصورة عامة. ومع حلول القرن الجديد دخلت المناطق الداخلية من البلاد مرحلة تنمية جديدة متمثلة في بناء مجتمع الرفاهية بصورة شاملة والإسراع بعملية بناء التحديثات الاشتراكية حيث تسعى وراء تحقيق الهدف الاستراتيجي للخطوة الثالثة من عملية بناء التحديثات الاشتراكية. وعلينا أن نتمسك بثبات بالفرصة الاستراتيجية التي ظهرت في بداية القرن الجديد ونتقدم لمواكبة العصر وندفع باستمرار عملية الاصلاح والانفتاح وبناء التحديثات إلى الأمام. وتعتبر السنوات الخمس إلى العشر المقبلة مرحلة حاسمة بالنسبة إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية في هونغ كونغ أيضا، فندعو حكومة منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة وأهالي هونغ كونغ من مختلف الأوساط أيضا إلى التحلي بنفس روح التقدم لمواكبة العصر والعمل الجاد لخلق مستقبل أكثر إشراقا لهونغ كونغ. وأريد هنا أن أطرح ثلاثة آمال:
أولا، آمل في أن يواكب أهالي هونغ كونغ من مختلف الأوساط الوضع الجديد بعد عودة هونغ كونغ إلى الوطن الأم ويتقنوا جميع الأعمال باعتبار أنفسهم سادة هونغ كونغ ووطننا العظيم. وسبق لي أن قلت بمناسبة الذكرى الأولى لعودة هونغ كونغ إن عودة هونغ كونغ تمثل نقطة تحول كبرى في تاريخ هونغ كونغ ويمر كل هونغ كونغي باختبار التغيرات الناجمة عن نقطة التحول التاريخي، ولا يمكن لأهالي هونغ كونغ أن يبادروا إلى تخطيط تنمية هونغ كونغ في المستقبل بصورة جادة إلا وهم يواكبون تغيرات هذا التحول التاريخي ويفهمون بصورة حقيقة مسئولياتهم بصفتهم سادة الأرض. وإن أهالي هونغ كونغ الأشقاء ليسوا السادة لمنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة فقط، بل للبلاد أيضا، فعليهم أن يعززوا وعيهم بالبلاد والأمة بحيث يحمون سلامة الوطن ووحدته والمصالح العامة للوطن والأمة من تلقاء أنفسهم. وإن تحقيق النهضة العظيمة للأمة الصينية وصولا إلى إنجاز قضية الوحدة الوطنية العظيمة يمثل رغبة مشتركة لدى جميع أبناء الشعب الصيني، وعلى جميع الصينيين بمن فيهم أهالي هونغ كونغ أن يكرسوا جهودهم في هذه القضية العظيمة باعتزاز ويقدموا مساهمات مرضية للوطن والأمة والعصر.
ثانيا، آمل في أن ترفع الأجهزة الإدارية والتشريعية والقضائية بمنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة مستوى أدائها باستمرار لخدمة المجتمع والجماهير بصورة أفضل. فيجب تطبيق نظام المحاسبة الإدارية، وتحمل كل من الأجهزة الإدارية والتشريعية والقضائية مسئولياتها حسب ما جاء في قانون هونغ كونغ الأساسي ومواكبة متطلبات التقدم الاجتماعي والنمو الاقتصادي لضمان المصالح العامة لأهالي هونغ كونغ بصورة أحسن وتقديم العطاء للمجتمع بصورة مشتركة. وعلى الموظفين العموميين على جميع المستويات وخاصة المسئولين الرفيعي المستوى أن يحترموا ويمتثلوا لقيادة الرئيس التنفيذي ويعملوا بقلب واحدة وعزيمة واحدة على العطاء. وعلي المواطنين من مختلف الأوساط تعزيز التضامن تحت راية حب الوطن وحب هونغ كونغ ودعم الرئيس التنفيذي وحكومة المنطقة الإدارية الخاصة في ممارسة الحكم حسب القوانين وتركيز قواها على تسوية بعض القضايا الهامة التي ترتبط بالتقدم الاجتماعي والنمو الاقتصادي لهونغ كونغ في المستقبل. أنا واثق من أن حكومة المنطقة الإدارية الخاصة وأهالي هونغ كونغ سيحسنون بناء هونغ كونغ إذا تكاتفت جهودهم وقواهم وعقولهم.
ثالثا، آمل في أن تكثف حكومة منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة وأهالي المنطقة من مختلف الأوساط من عزمها ويعملوا باجتهاد على خلق وضع جديد لتطور اقتصاد هونغ كونغ. فمن الضروري إعطاء إهتمام بالغ للتنمية الاقتصادية في هونغ كونغ. وإذا كان نمو اقتصاد هونغ كونغ في الماضي نتيجة لانتهاز أهاليها الفرص والمواكبة مع الظروف الخارجية وإبراز امتيازاتها والاستمرار في التعديلات والإبداع فإن نموه الاقتصادي في المستقبل يعتمد أيضا على بذلهم جهودا دؤوبة مشتركة وشجاعتهم على شق الطريق. وفي الوقت الحالي يجب ملاحظة الميزات العديدة التي تتمتع بها هونغ كونغ رغم المشاكل والصعوبات التي تواجه نمو اقتصاد هونغ كونغ، فلها قوة اقتصادية قوية نسبيا وقوة تنافسة دولية ونظام اقتصادي حر ومنفتح إلى مدى بعيد ونظام قانوني متكامل نسبيا إضافة إلى بيئة تجارية جيدة وشبكات إتصال واسعة مع الأسواق الدولية. والأهم من كل ذلك، لهونغ كونغ فريق من الموظفين العموميين ذوي الكفاءات العالية ونخبة كبيرة من رجال الأعمال الناجحين وعقول ممتازة في جميع المجالات والقطاعات. وتساعد كل هذه هونغ كونغ على تحقيق النجاحات في المنافسات المستقبلية. هذا والمساحة الشاسعة للوطن الأم واقتصاده المتطور بسرعة ومكانته الدولية المرتفعة يوما بعد يوم تتيح أيضا ظروفا جيدة خاصة لتقدم هونغ كونغ. وستستمر الحكومة المركزية في دعم ومساعدة هونغ كونغ على استعادة عافية اقتصادها وتنميته. وأنا واثق من أن اقتصاد هونغ كونغ سيظهر نشاطا وحيوية جديدة بلا انقطاع وسيكون لها مستقبل مشرق للنمو على الدوام ما دام الأشقاء في هونغ كونغ يتمسكون بتقاليدهم الممتازة الموروثة منذ زمن طويل والمتمثلة في الكفاح المرير والشجاع في بناء المشاريع.
إني أشعر بلطف ومودة في كل مرة أزور فيها هونغ كونغ بعد عودتها إلى الوطن الأم وكل مرة ألتقي فيها مع أهالي هونغ كونغ، وستظل هونغ كونغ لؤلؤة ساطعة للوطن إلى الأبد. وآمل بكل إخلاص أن تتطور هونغ كونغ إلى الأفضل وأتمنى من صميم قلبي أن يعيش جميع مواطني هذه البقعة حياة أسعد وأجمل!
شكرا لكم جميعا.