"تشبه الصداقة الصينية السعودية بغابة أشجار النخيل في الواحة، إذ أنها ظلت شامخة وصامدة ومزدهرة مهما كانت الظروف."
في الساعة العاشرة والنصف يوم 15 يناير الجاري بالتوقيت المحلي، حل رئيس مجلس الدولة الصيني ون جياباو الزائر في السعودية ضيفا على مزرعة السيد عبد الرحمن الجريسي رئيس جمعية الصداقة السعودية الصينية، حيث عقد جلسة حوار مع أعضاء مجلس الأعمال السعودي الصيني بالإضافة إلى 15 رجل أعمال سعودي.
يعد عبد الرحمن الجريسي رجل أعمال ناجح في السعودية وبدأ مشوار أعماله من شركة صغيرة ذات موظف واحد وقام بجده وذكائه بتطويرها خلال 50 عاما والنيف إلى شركة مجموعة الجريسي التي تغطي أعمالها قطاعات الاتصالات والكمبيوتر والأثاث والطباعة. انطلاقا من مشاعر الصداقة تجاه الصين، بدأ عبد الرحمن الجريسي التعاملات مع الشركات الصينية قبل إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وتم تأسيس جمعية الصداقة السعودية الصينية عام 1997، وحضر عبد الرحمن الجريسي كرئيس لها مراسم التأسيس في الصين. وفي عام 2008، مُنح لقب "سفير الصداقة الشعبية" من قبل جمعية الصداقة للشعب الصيني مع شعوب العالم.
على بعد 50 كيلومتر من مدينة الرياض، تقع مزرعة عبد الرحمن الجريسي في واحة وسط الصحراء وتبلغ مساحتها 5 ملايين متر مربع. والمناظر في الواحة هادئة وجميلة، حيث تزرع صفوف متناسقة من أشجار النخيل وترعى الجمال والنعامات. من خلال جولة بالسيارة، اطلع رئيس مجلس الدولة ون جياباو بكل الإمعان على حالة المزرعة.
أمام الخيام المنصوب على تلال صغير، رقص الرجال المحليون بالزي الأبيض التقليدي على إيقاع قرع الطبول في ترحيب حار للضيوف الكرام من الصين ودعوا رئيس مجلس الدولة ون جياباو إلى مشاركتهم في الرقص.
دخل ون جياباو الخيام والتقى مع أفراد عائلة الجريسي وأعضاء مجلس الأعمال السعودي الصيني وتبادل أطراف الحديث مع رجال الأعمال الحضور عن التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والمملكة.
قال ون جياباو للسيد عبد الرحمن الجريسي، ما إن شفتُ أشجار النخيل في مزرعتك وسط الصحراء، حتى عادت إلى ذهني شجرة الحور الموجودة في المنطقة الصحراوية في الصين، ولكليهما قدرة قوية في البقاء والنمو.
تُعلق على عمود خشبي داخل الخيام صورة فوتوغرافية لون جياباو وعبد الرحمن الجريسي في مقابلة في بكين قبل 9 سنوات، كما يوضع على المكتب وسام "سفير الصداقة الشعبية"، إن دل ذلك على شيء، فإنما يدل على اعتزاز عبد الرحمن الجريسي بصداقته مع الشعب الصيني.
متحمسا للغاية لاستقبال رئيس مجلس الدولة ون جياباو في المزرعة، قال السيد عبد الرحمن الجريسي إن علاقات التبادل والتواصل بين السعودية والصين لها تاريخ طويل ونكن مشاعر الاحترام دائما تجاه الشعب الصيني. وحجم التبادل التجاري بين البلدين ليس إلا 100 مليون دولار قبل 20 عاما. أما اليوم، فوصل إلى 60 مليار دولار. أنا كرجل الأعمال لدي حلم بأن تكون الصين شريكا تجاريا رقم واحد للسعودية.
ردا على كلمة عبد الرحمن الجريسي المفعم بالمشاعر الطيبة، قال ون جياباو "إنني جئتُ إلى السعودية في إطار تعزيز الصداقة والتعاون معكم، ويرجع تاريخ التواصل بين الصين والسعودية إلى زمن بعيد، حيث كان يربطنا طريق الحرير المشهور برا. ووصل الرحالة الصيني تشنغخه مع أسطوله إلى السعودية بحرا وهو مسلم أيضا. في العصر الحديث، عانى شعبانا من الظلم والإهانة من قبل القوى الكبرى وقاسينا من التجارب والمعانات المتشابهة. والآن، نحن في مرحلة حاسمة في عملية التنمية والتطوير في بلدينا. يمكن لنا بل يجب علينا أن نكون أصدقاء".
استطرد ون جياباو قائلا: "دعوني ألخص شعورنا تجاه المملكة بـ"ثلاث احترامات"، ألا وهي، احترام الشعب الصيني لدور المملكة كدولة كبيرة في منطقة الخليج والعالم الإسلامي، واحترام الصين للنظام السياسي والطريق التنموي والثقافة والتقاليد في المملكة، واحترام الصين للإجراءات التي تتخذها السعودية من أجل تطوير الاقتصاد وتحسين معيشة الشعب وصون الاستقرار".
حول مستقبل التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي بين الصين والسعودية، أكد ون جياباو على ما يلي: أولا، ضرورة إقامة شراكة صينية سعودية مستقرة وطويلة المدى وأكثر قوة في مجال الطاقة وإجراء التعاون الشامل الأبعاد ليشمل كافة مجالات قطاع الطاقة بما فيه التكنولوجيا والخدمات. ثانيا، ضرورة تحسين هيكل التجارة وتشجيع الاستثمار المتبادل بين شركات الجانبين، بهذا الخصوص، بين ون جياباو أن الشركات الصينية ترغب في المشاركة في بناء البنية التحتية في المملكة باستخدام أحدث التكنولوجيا لإنجاز مشاريع عالية الجودة يمكنها تجاوز اختبار الزمن. ثالثا، ضرورة تعزيز التبادل الثقافي والتواصل الشعبي لإثراء مقومات العلاقات بين البلدين. وأكد ون جياباو أن التواصل والتفاهم بين القلوب وبين الشباب وحده هو أساس متين للصداقة الصينية السعودية.
نالت كلمة ون جياباو تصفيقا متكررا من رجال الأعمال الحضور.
أضاف ون جياباو: "بما أن السعودية هي اقتصاد قوي، فما تحتاج إليه السوق الاستهلاكية والسوق الإنتاجية هنا هو معدات متقدمة ومنتجات عالية الجودة. فيجب على أي شركة صينية راغبة في الاستثمار في السعودية أن تكون على أتم الاستعداد لهذه المتطلبات.
أعرب السيد المبطي وهو رئيس مجلس الإدارة لشركة في مجال المقاولات عن اهتمامه الكبير ورؤيته الثاقبة بشأن التعاون مع الشركات الصينية، قائلا إن الصين كدولة ذات وزن وثقل في العالم لها مستقبل مشرق، وهذا مهم جدا بالنسبة لنا. وفي الفترة الماضية، حقق تعاون البلدين نجاحا كبيرا. من أجل جعل العلاقات الاقتصادية المتميزة أفضل مما كانت عليه، فمن الأهمية بمكان الاستثمار المشترك في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وإقامة صناعات مشتركة وتعزيز التدريب للعاملين الصينيين والسعوديين والولوج سويا إلى أسواق الطرف الثالث وسوق الشرق الأوسط. ويمكن إنشاء شركة صينية سعودية مشتركة للمقاولات لتنفيذ المشاريع الكبيرة الجارية في السعودية، والسوق السعودية مفتوحة أمام الصين.
كما أبلغ السيد المبطي رئيس مجلس الدولة ون جياباو خبرا جديدا مفاده أن شركة أرامكو السعودية وقعت اتفاقية التعاون مع شركة Sinopec أمس.
وطرح السيد عجلان نائب رئيس مجلس إدارة شركة عجلان وإخوانه التي تمتلك استثمارات كثيرة في الصين مقترحين أولهما تسيير مزيد من الرحلات الجوية بين الصين والسعودية لتسهيل الأعمال والتجارة بين الشركات، والثاني هو تعزيز التعاون بين الشركات الصغيرة والمتوسطة بالتوازي مع تنمية التعاون بين الشركات الكبيرة.
تعليقا على كلمة السيد عجلان، قال ون جياباو إنني أتفق تماما مع ما تفضلتَ به من المقترحات. سألتقي مع الملك السعودي بعد ظهر اليوم للتباحث معه عن سبل تطوير العلاقات الصينية السعودية في إطار العلاقات الاستراتيجية، ومن ضمنها موضوع دعم الاستثمار.
وجد رجال الأعمال السعوديون الحضور في كلمة ون جياباو تشجيعا كبيرا. في ختام الجلسة، شكر السيد سعد مدير عام لشركة سعودية رئيس مجلس الدولة ون جياباو على إتاحة هذه الفرصة لرجال الأعمال السعوديين لإبداء رغبتهم في التعاون مع الصين، معربا عن تطلعهم إلى مزيد من الاتصالات مع الأصدقاء الصينيين، كما أبلغ ون جياباو أن الرياض بصدد بناءها مدينة خضراء وشركة صينية من مقاطعة جيانغسو توفر مصابيح الشارع بالطاقة الشمسية.
أعرب ون جياباو عن اهتمامه بهذه المعلومات، قائلا إن الشركات الصينية قادرة على توفير المصابيح الشمسية ليس فقط للرياض بل للمناطق الأخرى في المملكة.
رغم أن جلسة الحوار بين رئيس مجلس الدولة ون جياباو ورجال الأعمال السعوديين في المزرعة استمرت لـ50 دقيقة فقط، إلا أنه حوار صريح وودي وخرج رجال الأعمال السعوديون منه أكثر تفاؤلا بمستقبل علاقات الصداقة والتعاون بين الصين والسعودية.