عقد رئيس مجلس الدولة ون جياباو قبل اختتام زيارته لكل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر، مؤتمرا صحفيا بمشاركة الصحفيين الصينيين والأجانب سلط فيه الضوء على نتائج زيارته يوم 18 يناير عام 2012.
ون جياباو: أيها الأصدقاء في الصحافة، قمتُ بجولة استغرقت خمسة أيام وشملت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر، رغم وقت الجولة القصير، فقد حققنا نتائج مثمرة. وأقوم بهذه الزيارة وأنا أحمل مودة عميقة من الشعب الصيني إلى الشعوب العربية، وتأتي تهدف الزيارة بهدف زيادة تطوير علاقات الصداقة والتعاون بين الصين ودول الخليج.
أجريتُ محادثات مع قيادات هذه الدول، وتوصلنا إلى توافق واسع، واتفقنا على رفع العلاقات بين الصين والدول الثلاث إلى مستوى جديد. اتفقت الصين والسعودية على رفع العلاقات الثنائية في إطار العلاقات الاستراتيجية. وأعلنت الصين والإمارات عن إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية، وقررتا الصين وقطر تكثيف الزيارات المتبادلة بين القيادتين لتعزيز الثقة الاستراتيجية.
وأجمعنا أنا وقادة الدول التي زرتها على أن تطوير التعاون الشامل في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية يتفق والمصالح الأساسية للصين وهذه الدول. وتوصلنا إلى العديد من اتفاقيات التعاون في هذه المجالات، وقررنا بذل جهود جادة لتنفيذها على الأرض بما يدفع التعاون العملي الثنائي إلى الأمام. فيمكن أن أقول إن زيارتي هذه ناجحة، وأود أن ألتقي مع الأصدقاء في الصحافة قبل أن أغادر قطر، وإذا كان لديكم أي سؤال، فإنني على استعداد للإجابة عليه.
وكالة الأنباء القطرية: دولة رئيس مجلس الدولة ون جياباو، أجريتم مقابلات ومباحثات مع القيادة القطرية اليوم، حيث توصل الجانبان إلى العديد من اتفاقيات التعاون، كما اتفق الجانبان على إجراء التعاون الاستثماري، وخاصة الاستثمار الصيني في قطر والاستثمار القطري في الصين. ما هي المجالات التي سيقوم الجانبان فيها بهذا التعاون؟
ون جياباو: كما تعرفون، قطر غنية بموارد الغاز الطبيعي. كانت إقامة علاقات التعاون والشراكة الطويلة المدى والمستقرة مع قطر في مجال الغاز الطبيعي من أبرز المواضيع التي ناقشناها. لكن كما ذكرت، لا يقتصر النقاش على ذلك، ناقشنا أيضا مواضيع أوسع بما فيه التعاون في المجال الاستثماري. وبالنسبة إلى قطر، فلها أشد رغبة وأمس حاجة لإجراء التعاون في تكرير النفط والبتروكيماويات. قد وقع الجانبان على اتفاقية بشأن إنشاء مجمع التكرير والبتروكيماويات في منطقة تايجو بمقاطعة تشيجيانغ الصينية، وتشجع الصين الشركات الصينية ذات القدرة القوية على تنفيذ مشاريع البنية الأساسية في قطر عبر مناقصات عادلة وشفافة بما يعود بالفوائد على الجانبين ويعزز الفهم المتبادل والصداقة بين الشعبين.
وأود أن أضيف إلى أن التعاون الاستثماري يتطلب تعاونا ماليا. وتوصلنا مع الجانب القطري إلى ربط التعاون المالي والاستثماري. واقترح الجانب القطري تسوية التجارية الصينية القطرية بالعملات المحلية بنسبة محددة. وأعتقد أن هذا المقترح يستحق الدراسة.
قناة الجزيرة: دولة السيد رئيس مجلس الدولة، كما نعرف، تشهد منطقة الشرق الأوسط تقلبات وتغيرات كبيرة وفي واجهتها الثورة السورية أو الأزمة السورية. هناك أصوات تدعو إلى إحالة قضية سوريا إلى مجلس الأمن، لأن مبادرة الجامعة العربية لم تحقق نجاحا، ما هو موقف الصين من ذلك؟ سؤالي الثاني، توترت العلاقات بين إيران وجيرانها والدول الغربية، ما هو موقف الصين من ذلك؟ ونعلم أن الصين تستورد كثيرا من النفط من إيران.
ون جياباو: تهمنا كثيرا الأوضاع في الخليج والشرق الأوسط، وخاصة القضايا الساخنة مثل ما يحدث في سوريا. قد استمرت الاضطرابات في سوريا لفترة طويلة، ويتمثل موقفنا من قضية سوريا في ثلاث النقاط: أولا، ضرورة إيجاد حل سلمي وسياسي لقضية سوريا، وضرورة رفض ومنع قتل المدنيين الأبرياء واستعادة النظام الطبيعي في سوريا في أسرع وقت ممكن. ثانيا، ضرورة احترام مطالب الشعب السوري بالتغيير والإصلاح وتحقيق المصالح المشروعة. ثالثا، ضرورة تفعيل دور الجامعة العربية في تقصي الحقائق والوساطة في قضية سوريا بما يساعد في تسوية قضية سوريا سلميا وسياسيا عبر الحوار. وتهدف جهودنا إلى حل المشكلة، بما فيه تلبية مطالب الشعب في التغيير والإصلاح ومواصلة التنمية الاقتصادية وتحسين معيشة الشعب وتحقيق الاستقرار والتنمية في سوريا والدول الأخرى التي تشهد أيضا اضطرابات.
فيما يتعلق بقضية إيران النووية، فهي قضية ساخنة مهمة في العالم. وأود أن أؤكد على رؤيتي بالنقاط الثلاث إزاء هذه القضية: أولا، ترفض الصين رفضا قاطعا محاولة إيران لتطوير وامتلاك الأسلحة النووية، وندعو إلى إقامة منطقة الشرق الأوسط الخالية من الأسلحة النووية، هذا الموقف موقف ثابت لا يتزعزع. ثانيا، تدعم الصين جهود الوساطة التي تقوم بها مجموعة دول خمس زائد واحد لإيجاد حل سلمي وسريع لقضية إيران النووية. وفي الوقت ذاته، نأمل في أن يبذل المجتمع الدولي جهودا مشتركة لحل هذه القضية في أسرع وقت ممكن. ثالثا، لا يخفى على أحد أنه بين الصين وإيران معاملات تجارية طبيعية، لكننا لن نعقد صفقة بالمبادئ. ندعم قرارات الأمم المتحدة المعنية بقضية إيران النووية، وصوتت الصين لصالح أربع القرارات بشأن إيران. ونلتزم دائما بهذه القرارات التزاما أمينا، ولن تكون لدينا أي خطوات تخالفها.
جريدة الشرق: قلتم في كلمتكم إن الصين تدعو إلى إقامة منطقة الشرق لأوسط الخالية من الأسلحة النووية، فكيف تنظر إلى الأسلحة النووية التي تملكها إسرائيل؟
كما ذكرتم أن الصين خلال زيارتكم هذه أقامت الشراكة الاستراتيجية مع دول الخليج التي نعلم أنها تهتم دائما بحالة المسلمين في مختلف أنحاء العالم. فكيف تنظرون إلى الاشتباكات الأخيرة بين المسلمين والحكومة في بعض المناطق الصينية؟
ون جياباو: تدعم الصين بقوة إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط. أما ما ذكرته، فلا أعرف تفاصيله، لكنني يمكنني أن أقول بكل الوضوح إن موقف الصين هذا ينطبق على جميع دول الشرق الأوسط بدون أي استثناء. من الطبيعي أن تكون للشراكة الاستراتيجية بين الصين والدول العربية علاقة بقضية الدين. في الحقيقة، ترجع العلاقات بين الصين والدول العربية إلى ما قبل 2200 سنة، أي عهد طريق الحرير القديم. قد لا تعرف أن طريق الحرير البحري فتحه بحار مسلم صيني اسمه تشنغ خه. يبلغ عدد المسلمين في العالم أكثر من مليار وخمسمائة مليون. نحترم الحضارة الإسلامية. ويوجد في الصين حوالي 20 مليون مسلم أيضا، ونحترم ثقافتهم وتقاليدهم، ونتعامل معهم على قدم المساواة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا مثل أنباء القوميات الآخرين. لا أعرف ما إذا كنت قد زرت الصين أم لا، إذا زرت الصين، فستجد أن الصين توجد فيها مساجد كثيرة، ويعيش ويشتغل المسلمون الصينيون في إطار ثقافتهم وتقاليدكم. إن حرية الاعتقاد الديني والمساواة بين جميع القوميات من أهم ثوابتنا.
وكالة شينخوا للأنباء: أهلا وسهلا، رئيس مجلس الدولة ون جياباو. أنا صحفي من وكالة شينخوا للأنباء، كما قلتم قبل قليل، ساهمت زيارتكم هذه في رفع العلاقات الاستراتيجية بين الصين والدول العربية، ما هو أهم النتائج التي حققتها هذه الزيارة؟ وما هي مكانة التبادل والتعاون بين الصين والدول العربية في السياسية الخارجية الصينية في المرحلة القادمة؟
ون جياباو: إن أبرز انطباعاتي التي أخذتها من هذه الزيارة إلى دول الخليج هي مشاعر المودة العميقة التي تكنها دول الخليج تجاه الشعب الصيني. بالأمس، دخلتُ مقهى وأنا كنت في طريق إلى سوق التنين بدبي، حيث تجاذبتُ أطراف الحديث مع الزبائن العرب الجالسين هناك، وبعضهم من الإمارات وبعضهم من الأردن. ولمست ما يكنونه لي من اللفتة. لم أكن أتصور أن سمو الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء كان يتابع الأمر، فكتب في مدونه الصغير أن رئيس مجلس الدولة الصيني تحدث مع عامة الناس في مقهى بالتواضع الذي يعد القيم المشتركة للثقافة الصينية والثقافة العربية. وإن تطوير العلاقات مع الصين من أولويات السياسات الخارجية للإمارات.
وما يؤسفني أن الزيارات المتبادلة الرفيعة المستوى بين الصين ودول الخليج قليلة نسبيا. وتعتبر زيارتي للسعودية الأولى لرئيس مجلس الدولة الصيني خلال العشرين سنة الماضية، وتعتبر زيارتي إلى كل من الإمارات وقطر الأولى من نوعها على الإطلاق.
يعتقد البعض أننا جئنا إلى هذه الدول من أجل النفط، وأعتقد أنهم ينظرون إلى ذلك بنظرة ضيقة. أود أن أبلغهم بأننا جئنا إلى هنا من أجل الصداقة. إن أهم ما حققناه في هذه الزيارة هو تعزيز الثقة السياسية. تربطنا التجارب التاريخية المشتركة والمتشابهة والمصالح المشتركة والمهام المشتركة في التنمية، ولا تشوب علاقاتنا أية شائبة في التاريخ. وفي ظل تفاقم وانتشار تداعيات الأزمة المالية العالمية وتعقيدات وتقلبات الأوضاع الدولية، يتعين على الصين وشعوب الخليج والشعوب العربية بذل جهود متضافرة لمواجهة التحديات والتغلب على الصعوبات. يساور الشعب الصيني مثل شعوب العالم الأخرى قلق إزاء الاضطرابات السياسية في منطقة الخليج والشرق الأوسط، إن الصين كدولة كبيرة ستتحمل مسؤولياتها وتعمل مع شعوب العالم وخاصة شعوب الخليج والشعوب العربية على تسوية هذه المشاكل سلميا وسياسيا وتحقيق الأمن والآمان في هذه المنطقة.
قناة فينكس: في حالة نشوب الأزمة في مضيق هرمز، كيف تضمن الصين إمداد الطاقة لها؟ تحدثتم خلال الزيارة عن الوضع في غربي آسيا وشمالي أفريقيا مرات عديدة، وأكدتم على ضرورة تلبية مطالب الشعوب بالتغيير والإصلاح. فكيف تلبية مطالب الشعب الصيني وأنتم كرئيس مجلس الدولة الصيني؟ وكيف تجنيب الصين ما حدث في غربي آسيا وشمالي أفريقيا؟
ون جياباو: الجميع يهتمون بأمن مضيق هرمز. نظرا لأن المضيق هو ممر بحري حيوي في العالم، ففي أي حال من الأحوال يجب ضمان أمن مضيق هرمز وضمان عملية نقل النفط الطبيعية، وهذا يتعلق بمصالح العالم والمجتمع البشري أجمع. أي تصرفات متطرفة في هذه المنطقة تتناقض مع رغبة جميع شعوب العالم.
أجريتُ فعلا في مباحثاتي مع قادة الدول التي زرتها مناقشات معمقة أكثر من مرة حول الوضع في غربي آسيا وشمالي أفريقيا بصورة عامة والوضع في الخليج والشرق الأوسط بصورة خاصة. وأكدتُ بكل الوضوح على ضرورة احترام مطالب الشعوب بالتغيير والإصلاح وتحقيق مصالحهم المشروعة. أقول هكذا لأنني أؤمن بأن الشعب هو صانع التاريخ الأول والأخير ويجب أن يكون هدف كل حكومة هو تحقيق مصالح الشعب، وعدا ذلك، لا تتمتع الحكومة بأي امتياز.
في ظل المعلوماتية، أصبحت إدارة شؤون الدولة وتنسيقها وتخطيطها أكثر تعقيدا من أي وقت مضى، وتكون لدى الشعب مطالب أكثر فأكثر للحكومة. أكدت مرارا وتكرارا على أهمية الإصلاح، وليس فقط الإصلاح الاقتصادي وإنما يشمل أيضا الإصلاح السياسي، وأهم هدف وراء ذلك هو تعزيز التلاحم بين الحكومة والجماهير وجس نبض الشارع وتحسين أداء الحكومة في التنمية الاقتصادية وتحسين معشية الشعب وتحقيق رفاهيته. وراء كل اضطراب أسباب داخلية وخارجية، لكنني أعتقد أن الأسباب الداخلية هي رئيسية. على كل حكومة مسؤولة أن تتحمل مسؤولياتها بكل الثبات والشجاعة، ولا تسعى وراء المصالح الأنانية.
أسوشيتد برس: هل تطرقت المحادثات في زيارتكم إلى العقوبات على إيران؟ وتفكر أوروبا في وقف استيراد النفط من إيران، هل تقلق الصين من إمداد النفط لها؟
ون جياباو: كما قلتُ توا، ننفذ قرارات الأمم المتحدة المعنية بصورة أمينة. وفي الوقت نفسه، أؤكد على أن التجارة النفطية بين الصين وإيران تجارة طبيعية، وأعتقد أن الصين ليست الوحيدة التي تقوم بالتجارة النفطية مع إيران، وشأنه شأن التجارة النفطية مع ليبيا، الصين أيضا ليست الوحيدة. ويجب حماية النظام الطبيعي للتجارة بين دول العالم، وإلا فإن هذا سيؤدي إلى اضطرابات تجارية كبرى في العالم. ولا يساورني قلق تجاه التجارة النفطية بين الصين وإيران، وخلال مباحثاتي مع قادة الدول التي زرتها، لم يتم التطرق إلى هذا الموضوع.