كلمة نائب وزير الخارجية تشاي جيون في الدورة السابعة لمنتدى لانتينغ

2012-07-13 17:34

الآفاق الواسعة للشراكة الاستراتيجية الجديدة بين الصين وأفريقيا

-- كلمة نائب وزير الخارجية تشاي جيون في الدورة السابعة لمنتدى لانتينغ

(صالة لانتينغ بالمبنى الجنوبي لمقر وزارة الخارجية، يوم 12 يوليو عام 2012)

أصحاب السعادة السفراء والسادة الدبلوماسيون المحترمون،

الأصدقاء الأعزاء من الأوساط التجارية والأكاديمية والإعلامية،

سيداتي وسادتي:

مساء الخير. إنه لمن دواعي سروري البالغ أن أكون بينكم في منتدى لانتينغ. سيعقد الاجتماع الوزاري الخامس لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي بعد أسبوع. ستستقبل بكين في منتصف الصيف "وقت أفريقيا" المثير، وأنا واثق بأن جميع الذين يهتمون ويدعمون العلاقات الصينية الأفريقية يتطلعون بشغف إلى هذه المناسبة. ويسرني أن تتاح لي هذه الفرصة لتجاذب أطراف الحديث معكم حول العلاقات الصينية الأفريقية عشية الاجتماع الوزاري.

تأسس منتدى التعاون الصيني الأفريقي أكتوبر عام 2000، ومنذ ذلك الوقت، وبفضل الحرص والرعاية الدقيقة من كلا الجانبين، قد أصبح المنتدى منبرا مهما للحوار الجماعي وآلية فعالة للتعاون العملي بين الصين وأفريقيا، أسهم إسهاما كبيرا في تطوير العلاقات الصينية الأفريقية. وجدير بالذكر بصورة خاصة أنه في قمة بكين للمنتدى عام 2006، أعلنت الصين وأفريقيا عن إنشاء الشراكة الاستراتيجية بينهما من نوع جديد التي تتسم بالمساواة والثقة المتبادلة سياسيا والتعاون والمنفعة المتبادلة اقتصاديا والتواصل والاستفادة المتبادلة ثقافيا، الأمر الذي دشن عهدا جديدا لعلاقات الصداقة والتعاون بين الصين وأفريقيا.

سيكون الاجتماع الوزاري الخامس أول اجتماع وزاري في العقد الثاني منذ تأسيس منتدى التعاون الصيني الأفريقي، فيكتسب أهمية كبيرة بالنسبة إلى مواصلة تطوير العلاقات الصينية الأفريقية، فيحظى باهتمام كبير من كلا الجانبين. سيحضر الرئيس الصيني هو جينتاو وبعض القادة الأفارقة حفل الافتتاح، وسيشارك في الاجتماع وزير الخارجية الصيني يانغ جيتشي ووزير التجارة الصيني تشن دمينغ ووزراء الخارجية ووزراء التعاون الاقتصادي من 50 دولة أفريقية، وكذلك رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي.

تحت شعار "فتح آفاق جديدة للشراكة الاستراتيجية من نوع جديد بين الصين وأفريقيا على أساس الإنجازات الماضية"، يسعى الجانبان الصيني والأفريقي إلى تحقيق الأهداف التالية في الاجتماع: أولا، تقييم مدى تنفيذ نتائج الاجتماع الوزاري الرابع؛ ثانيا، بحث سبل ووسائل كفيلة بتعميق الشراكة الاستراتيجية الصينية الأفريقية من نوع جديد وتطوير منتدى التعاون الصيني الأفريقي؛ ثالثا، تحديد المجالات ذات الأولوية والإجراءات الرئيسية لتعزيز التعاون بين الصين وأفريقيا في السنوات الثلاث المقبلة، ووضع برنامج عمل وفقا لذلك؛ رابعا، تبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية لحماية وتوسيع المصالح المشتركة للجانبين على نحو أفضل.

وبالنسبة إلى نتائج الاجتماع، سيتم إصدار وثيقتين، أي إعلان بكين الصادر عن الاجتماع الوزاري الخامس لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي، وبرنامج عمل بكين للاجتماع الوزاري الخامس لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي (2013-2015). وفي حفل افتتاح الاجتماع، سيعلن الرئيس هو جينتاو نيابة عن الحكومة الصينية عن الإجراءات الجديدة لتعزيز التعاون مع أفريقيا، والتي ستغطي المجالات مثل الاستثمار والتمويل، والمساعدات، والتكامل الأفريقي، والسلام والأمن، والتبادل الإنساني.

إنني على ثقة بأنه بفضل الجهود المشتركة من كلا الجانبين، سيتكلل الاجتماع بنجاح كامل ويرتقي بالشراكة الاستراتيجية الصينية الأفريقية من نوع جديد إلى مستوى أعلى.

سيداتي وسادتي،

منذ بداية القرن الجديد، وخاصة بعد إقامة الشراكة الاستراتيجية الصينية الأفريقية من نوع جديد، شهدت العلاقات الصينية الأفريقية نموا بوتيرة غير مسبوقة وصارت نقطة مضيئة في الدبلوماسية الصينية. قد أثبتت هذه العلاقات النقاط التالية:

أولا، حققت العلاقات السياسية بين الصين وأفريقيا نموا شاملا. كانت السنوات القليلة الماضية أكثر فترة نشاطا للتبادلات الرفيعة المستوى بين الصين وأفريقيا. قام الرئيس هو جينتاو بزيارة أفريقيا أربع مرات، وتشمل زياراته 18 بلدا أفريقيا. كما زار أفريقيا أيضا رئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب وو بانغقوه، ورئيس مجلس الدولة ون جياباو، ورئيس اللجنة الوطنية للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني جيا تشينغلين، وكذلك الرفيق لى تشانغتشون، ونائب الرئيس الصيني شي جينبينغ، والرفيق خه قوتشيانغ، والرفيق تشو يونغكانغ.

وفي المقابل، قام كثير من القادة الأفارقة بزيارة الصين. من عام 2007 إلى عام 2011، قام حوالي 30 رئيس دولة أو حكومة أفريقية و20 رئيس برلمان أفريقي بزيارة الصين أو جاءوا إلى الصين لحضور الفعاليات الهامة في الصين.

إن التطور الشامل هو سمة هامة لعلاقات الصين مع الدول الأفريقية مقارنة مع بعض الدول الأخرى. لم تتعامل الصين أبدا مع دول العالم بشكل انتقائي وفقا لأحجامها أو ثرواتها. وإن تطور العلاقات الصينية الأفريقية في السنوات الأخيرة لا يقتصر على دولة أو دولتين أو عدد قليل من الدول في أفريقيا، إنما يشمل جميع الدول الأفريقية الصديقة.

وتزامنا مع التطور الشامل للعلاقات الثنائية مع الدول الأفريقية، أصبحت علاقات الصين مع المنظمات الإقليمية في أفريقيا، والاتحاد الأفريقي على وجه الخصوص، نقطة مضيئة جديدة في العلاقات الصينية الأفريقية. تم إنجاز مشروع مركز المؤتمرات ومجمع المكاتب للاتحاد الأفريقي بنجاح الذي قامت الصين بإنشائه في إطار المساعدات الخارجية في بداية هذا العام، وهذا يدل على دعم الصين الثابت لجهود أفريقيا الرامية إلى في تحقيق التنمية من خلال الوحدة، وتقف أيضا كرمز للصداقة بين الصين وأفريقيا في العصر الجديد.

ثانيا، قد أسفر التعاون العملي بين الصين وأفريقيا عن نتائج مثمرة. المنفعة المتبادلة والتنمية المشتركة هي السمة الأبرز للعلاقات الصينية الأفريقية في العهد الجديد. في قمة بكين والاجتماع الوزاري الرابع للمنتدى، أعلنت الصين عن المبادرة ذات الإجراءات الـ8 مرتين لتعزيز التعاون العملي مع أفريقيا. وتم تنفيذ هذه الإجراءات تنفيذا كاملا بفضل الجهود المشتركة من قبل الجانبين الصيني والأفريقي.

ومنذ عام 2006، ازدادت المساعدات بلا مقابل والقروض بدون فوائد والقروض التفضيلية التي منحتها الصين لأفريقيا بشكل مطرد. وقامت الصين بتدريب أكثر من 30 ألف كادر أفريقي في مختلف القطاعات، وتوفر الصين 5000 من المنح الدراسية الحكومية لأفريقيا سنويا.

وتبقى الصين أكبر شريك تجاري لأفريقيا لمدة ثلاث سنوات متتالية منذ عام 2009، وفي عام 2011، بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين وأفريقيا 166.3 مليار دولار بزيادة 16 مرة بالمقارنة مع ما كان عليه عام 2000. وفي عام 2011، بلغ الفائض التجاري لصالح أفريقيا في التجارة مع الصين 20.1 مليار دولار.

بدأت الإعفاءات الجمركية وغيرها من الإجراءات التي اتخذتها الصين لزيادة وارداتها من أفريقيا تعطي ثمارها. وفي عام 2010، ازدادت صادرات 49 دولة أفريقية إلى الصين. في الفترة ما بين عامي 2000 و2011، وازدادت الصادرات الأفريقية إلى الصين بسرعة، من 5.6 مليار دولار إلى 93.2 مليار دولار.

وحتى إبريل الماضي، بلغ إجمالي الاستثمارات الصينية المباشرة في أفريقيا 15.3 مليار دولار، وكان هذا الرقم أقل من 500 مليون دولار قبل 10 سنوات. قد استثمرت أكثر من 2000 شركة صينية في 50 دولة أفريقية.

على الرغم من التداعيات السلبية الناتجة عن الأزمة المالية العالمية، يشهد التعاون الاقتصادي بين الصين وأفريقيا نموا قويا، الأمر الذي يساهم في تحقيق الانتعاش والنمو الاقتصادي ليس فقط في الصين وأفريقيا، ولكن في العالم أيضا.

ثالثا، يتوسع التعاون بين الصين وأفريقيا في الشؤون الدولية والإقليمية باستمرار. رغم ما حققته من النمو والتطور، لم تنس الصين أنها من العالم النامي، وتعتبر نفسها دائما بلدا ناميا. ونقف بكل حزم مع الدول الأفريقية التي تسعى إلى الدفاع عن السيادة والكرامة، واستكشاف طرق تنموية بإرادتها المستقلة وتحقيق التنمية من خلال الوحدة.

وعززت الصين من مشاركتها في الشؤون المتعلقة بالسلام والأمن في أفريقيا، وتبقى على الاتصال والتنسيق الوثيق مع الدول الأفريقية في مجلس الأمن الدولي، وزادت عدد الضباط والجنود الصينيين المشاركين في قوات حفظ السلام في أفريقيا، وتنفذ مهام الحراسة في خليج عدن والمياه قبالة سواحل الصومال، كما عينت الصين الممثل الخاص للحكومة الصينية للشؤون الأفريقية، وتشارك بنشاط في جهود الوساطة للقضايا الساخنة الأفريقية.

وبشأن القضايا العالمية مثل الأزمة المالية العالمية وتغير المناخ ومفاوضات جولة الدوحة لمنظمة التجارة العالمية، أجرت الصين وأفريقيا الاتصالات المكثفة والتنسيق الوثيق، ونجحت في حماية المصالح المشتركة للدول النامية.

ونعرب عن كل الشكر والتقدير للدول الأفريقية على دعمها المتواصل والثابت للصين بشأن القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية والأساسية للصين.

رابعا، تكثف التبادل الإنساني والثقافي بين الصين وأفريقيا. مع التطور الشامل للعلاقات الصينية الأفريقية، ازداد التبادل الإنساني والثقافي بين الجانبين. قد أسست الصين وأفريقيا عددا من المنصات لتعزيز التبادل بينهما، بما في ذلك "الثقافة الصينية والأفريقية تحت المجهر"، وبرنامج البحوث المشتركة والتبادل، والمنتدى الشعبي، ومنتدى المفكرين. وبالإضافة إلى أكثر من 5000 المنح الدراسة الحكومية الصينية، يدرس أكثر من 10،000 طالب أفريقي في الصين على نفقاتهم في الصين كل عام.

وفي عام 2000، لم تكن هناك سوى رحلة جوية منتظمة واحدة بين الصين وأفريقيا من كل أسبوع. أما اليوم، فتم تسيير أكثر من عشرين رحلة بينهما. وأطلقت 8 شركات جوية أفريقية رحلات جوية مباشرة إلى الصين.

وقد اختار بعض الأصدقاء الأفارقة للإقامة أو مواصلة حياتهم المهنية في الصين. وأصبح البعض منهم نجوما رياضية أو ترفيهية ذات شعبية بين الجمهور الصيني.

يمكننا جس نبض العلاقات الصينية الأفريقية من خلال هذه القصص الصغيرة والحقيقية، وهي التي تشكل القوة الدافعة القوية لتطور هذه العلاقات.

سيداتي وسادتي،

إن النمو السريع للعلاقات الصينية الأفريقية أثار اهتماما دوليا واسعا وأصبح موضوعا ساخنا في العلاقات الدولية. ولاحظتُ أن الرأي العام ينظر إلى العلاقات الصينية الأفريقية بنظرة موضوعية أكثر فأكثر. ومع ذلك، لا تزال هناك أصوات في بعض وسائل الإعلام تشكك وتنتقد سياسة الصين تجاه أفريقيا. فاسمحوا لي أن أغتنم هذه الفرصة للرد عليها:

-- يقول البعض إن الصين تنهب الطاقة والموارد من أفريقيا، وتمارس "الاستعمار الجديد".

ينبغي فعلا تعديل هيكل التجارة بين الصين وأفريقيا القائم على الطاقة والموارد. وفي الوقت نفسه، هذه الحالة موجودة بين أفريقيا وجميع شركائها التجاريين الرئيسيين.

وإن تغيير هياكلها الاقتصادية التي تعتمد على الطاقة والموارد إلى حد كبير، يتطلب جهود الدول الأفريقية لرفع قدراتها على التنمية الذاتية وتنويع المصادر الاقتصادية. وبذلت وتبذل الصين جهودا إيجابية لتحقيق هذه الغاية من خلال سلسلة من الإجراءات لتعزيز التعاون مع أفريقيا.

ويجب علينا أن نعترف أيضا بأنه على الرغم من النمو السريع للتعاون الصيني الأفريقي في السنوات الأخيرة، غير أن هذا التعاون لا يزال يتخلف عما بين أفريقيا وشركائها التقليديين حجما وعمقا. فيجب على الدول الأخرى أن تبذل المزيد من الجهود أيضا لمساعدة الدول الأفريقية لتعزيز قدرتها على التنمية الذاتية.

كما لا يخفى علينا أن النظام السياسي والاقتصادي الدولي غير العادل وغير المنصف لا يزال يشكل عقبة رئيسية تحول دون التنمية في أفريقيا. ومن أجل تغيير هذا الوضع، من الأهمية بمكان أن تبذل تلك الدول التي تقود العلاقات الدولية جهودا.

-- يقول البعض إن مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية الذي تلتزم به الصين يعرقل جهود أفريقيا لتعزيز الديمقراطية والحكم الرشيد.

أود أن أشير إلى أن مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية كمبدأ هام يحكم العلاقات الدولية، لم يعفي عليه الزمن. وبالنسبة للدول النامية على وجه الخصوص، يبقى هذا المبدأ أداة مهمة للدفاع عن حقوقها ومصالحها.

وفي السنوات الأخيرة، قامت بعض الدول بالتدخل في القضايا الإقليمية الساخنة بالقوة العسكرية لتغيير النظام متجاهلة معارضة دول المنطقة، مما خلف تأثيرات سلبية على السلام والاستقرار إقليميا ودوليا. فينبغي للجميع أن يتعلموا من هذه الدروس المؤلمة.

أما بالنسبة إلى دعم الديمقراطية والحكم الرشيد في أفريقيا، فإن ذلك ليس حكرا لبعض الدول. تدعم الصين أيضا بقوة جهود الدول الأفريقية لتعزيز الديمقراطية والنظام القانوني ورفع مستوى الحكم، لأن ذلك ضروري لتحقيق نمو سليم ومطرد للتعاون الصيني الأفريقي. ونتقاسم خبرات الحكم والإدارة مع الدول الأفريقية على قدم المساواة، وهذا مرحب به في الدول الأفريقية.

-- يقول البعض انه يتعين على الصين أن تتحمل المزيد من المسؤوليات الدولية في أفريقيا، ولا سيما فيما يتعلق بالسلام والأمن.

فيما يتعلق بـ"نظرية المسؤولية الصينية"، في اعتقادي، يجب علينا أن ننظر إليها من ناحتين. مع النمو والتطور في الصين، تأمل الدول الأفريقية أن تحصل على المزيد من المساعدات من الصين، وتتطلع إلى دور أكبر للصين في الشؤون الأفريقية، وهذا يدل على ثقة الدول الأفريقية بنا، ونثمن ذلك.

في السنوات الأخيرة، كثفنا جهودنا في دعم ومساعدة التنمية في أفريقيا. كما عززنا من مشاركتنا في الشؤون المتعلقة بالسلام والأمن في أفريقيا، وسنواصل القيام بذلك بما يسهم إسهاما أكبر في السلام والاستقرار بأفريقيا.

وهذا من ناحية، ومن جهة أخرى، تعتبر الصين دولة نامية، فعلينا أن نقدم المساعدات للدول الأخرى في حدود استطاعتنا. إننا على استعداد للمشاركة الفعالة في حل القضايا الساخنة في أفريقيا، ونأمل أيضا أن تحظى سياسات الصين ومواقفها بالمزيد من التفهم والدعم.

-- يقول البعض إن الصين استولت على "الجبن" للآخرين، وتعمل على تطوير علاقاتها مع أفريقيا على حساب مصالح الدول الأخرى.

أود أن أشير إلى أن أفريقيا ملك للأفارقة، وليست "الجبن" لأي شخص. فيجب على أي دولة ترغب في تطوير التعاون مع أفريقيا أن تحترم الدول الأفريقية كسادة هذه القارة.

في عصر العولمة، ترتبط مصائر دول العالم ارتباطا وثيقا. وتلتزم الصين بالانفتاح والتسامح والتعاون في تطوير العلاقات مع أفريقيا بدلا من اللجوء إلى المواجهة مع أي طرف ثالث.

عادت العلاقات الصينية الأفريقية المتنامية بفوائد ملموسة على التنمية في أفريقيا، وذلك في مصلحة العالم كله، بما في ذلك الدول التي تجري التعاون مع أفريقيا.

أما أولئك الذين ينظرون إلى التعاون الصيني الأفريقي على أنه تهديد لمصالحهم الخاصة، فأود أن أقول أن هؤلاء الناس يجب عليهم مراجعة عقليتهم وسياساتهم بالدرجة الأولى.

بالطبع، ليس التعاون الصيني الأفريقي مثاليا، قد تظهر مشاكل جديدة مع تعمق التعاون الصيني الأفريقي، لكن هذه المشاكل ليست نتيجة لسياسة الحكومة الصينية، ويمكن حلها من خلال تعميق التعاون والتشاور الودي. ونأخذ هذه المشاكل على محمل الجد ونستعد للعمل مع أفريقيا لمعالجتها على نحو مناسب.

سيداتي وسادتي،

إن العلاقات الصينية الأفريقية الراهنة لم تأت بسهولة، إنما وجاءت نتيجة التفاني والعمل الجاد من شعوب الجانبين بعدة أجيال، فيتعين علينا أن نعتز بها كل الاعتزاز. تمر الأوضاع في العالم وكذلك في الصين وأفريقيا بتغيرات عميقة ومعقدة، ونحن بحاجة إلى تكريس المزيد من الجهود والحكمة للحفاظ على زخم النمو الطيب للعلاقات الصينية الأفريقية. من وجهة نظري، علينا أن نولي اهتماما للنقاط التالية في جهودنا لتطوير العلاقات الصينية الأفريقية في ظل الظروف الجديدة:

أولا، أهمية اغتنام الفرص. في الوقت الراهن، شهدت الدول النامية ككل زخما قويا للنمو، ويتجه النظام الدولي في صالح الدول النامية بشكل عام.

على الرغم من أن العالم لا يزال بعيدا عن الأمن والطمأنينة، لكن السعي إلى السلام والتنمية والتعاون يعتبر تيارا عالميا لا يقاوم، ولدى الدول النامية رغبة أشد من أي وقت مضى في صنع القرار بشكل مستقل وتحقيق التنمية الذاتية.

حقق اقتصاد غانا معدل نمو 13% العام الماضي مما جعلها أسرع اقتصاد نموا في العالم، فبدأ الناس يحولون أنظارهم إلى "سرعة أفريقيا".

وفي الوقت نفسه، يواصل الاقتصاد الصيني نموه المطرد والسريع، ومن المتوقع أن تصل واردات الصين في السنوات الخمس المقبلة إلى 8 تريليون دولار.

يتمتع الاقتصاد الصيني والاقتصاد الأفريقي بصفة التكامل الواضحة، ويعتبر كل منهما سوقا مهمة للجانب الآخر. وبما أن الصين قد مرت بمرحلة التنمية التي تمر بها أفريقيا حاليا، فإن الخبرات والتكنولوجيات التي اكتسبتها الصين على مر السنين ستكون مناسبة لاحتياجات التنمية في أفريقيا.

فيمكننا أن نقول إن رغبة الصين وأفريقيا في تعزيز التعاون أقوى من من أي وقت مضى، والظروف الراهنة أصلح من أي وقت مضي لترجمة هذه الرغبة إلى الواقع.

لذا، فمن الأهمية بمكان بالنسبة للصين وأفريقيا لفهم هذا الاتجاه العام وقراءة الوضع الحالي بشكل أكثر وضوحا وترسيخ ثقتنا وعزيمتنا على دفع علاقات الصداقة والتعاون بين الصين وأفريقيا إلى الأمام.

ثانيا، أهمية تحقيق المنفعة المتبادلة والفوز المشتركة في التعاون. إن تطور العلاقات الصينية الأفريقية لن يتحقق بدون الجهود من كلا الجانبين. ومن خلال تعزيز التعاون فقط، يمكن للصين وأفريقيا تحقيق المنفعة المتبادلة والفوز المشترك على مستوى أعلى.

فعلينا أن نعمل معا على تحسين هيكل التجارة ورفع جودتها، لإقامة شراكة تجارية أكثر توازنا واستدامة بين الصين وأفريقيا.

وعلينا أن نعمل معا على تسهيل الاستثمار والتمويل والتعاون بين المؤسسات، وتسريع نقل التكنولوجيا وتبادل الخبرات، واتخاذ خطوات ملموسة لمساعدة الدول الأفريقية في بناء القدرات على التنمية الذاتية.

وعلينا أن نعمل معا على تعزيز التعاون الإنمائي، وزيادة المساعدات المقدمة إلى أفريقيا كما وكيفا لكي يستفيد المزيد من الجماهير في أفريقيا منها.

ثالثا، أهمية التعاون الشامل. علينا أن نوسع العلاقات الصينية الأفريقية لتشمل جميع المجالات بما يجعل التعاون في مختلف المجالات يعزز ويكمل كل منها الآخر.

في الوقت الذي نعزز فيه التعاون الاقتصادي والتجاري، علينا أن نعمل على توسيع وتعميق التعاون بين الصين وأفريقيا في القضايا السياسية المتعلقة بالسلام والأمن والتكامل الأفريقي وغيرها.

وفي الوقت الذي نعزز فيه روابط المصالح المشتركة، علينا أن نكثف تبادل الخبرات بشأن الحكم والإدارة، وندفع التبادل الثقافي لتقريب المشاعر الشعب الصيني والشعوب الأفريقية.

وفي الوقت الذي نعزز فيه التفاعلات الرسمية، علينا أن نعطي مزيدا من الاهتمام للتبادل الشعبي ونشجع التواصل المباشر في اتجاهين بين المفكرين ومراكز البحوث والوسائل الإعلامية للجانبين.

رابعا، أهمية تكريس روح المبادرة والإبداع. إن التعاون الصيني الأفريقي اليوم هو يختلف عن التعاون بين القوى التقليدية وأفريقيا، كما أنه قطع شوطا كبيرا بالمقارنة مع ما كان عليه قبل سنوات.

فيجب علينا أن نتكيف مع الظروف الجديدة والمتطلبات الجديدة، ونشجع الإبداع والابتكار نظريا وتطبيقيا، لاستكشاف طريق التعاون التي يناسب الظروف الواقعية في الصين وأفريقيا ويتفق مع تيار العصر.

وعلينا أن نتمسك بخصائص التعاون الصيني الأفريقي، وفي الوقت نفسه، علينا أن نكثف التبادل والاستفادة المتبادلة مع الدول الأخرى، بحيث يحتفظ التعاون الصيني الأفريقي دائما بالحيوية والنمو المفتوح والشامل.

وعلينا أن نعزز التفاعلات الإيجابية بين اللاعبين الدوليين في أفريقيا، ولا نحذو حذو المواجهة بين القوى الكبرى في الماضي، بل نشجع جميع الأطراف الدولية على تدعيم السلام والاستقرار والتنمية في أفريقيا.

وعلينا أن ندفع بقوة بناء منتدى التعاون الصيني الأفريقي، ونواصل توسيع مجالات التعاون وإثراء مقوماته لكي يستمر المنتدى في لعب دوره الرائد في تطوير العلاقات الصينية الأفريقية.

سيداتي وسادتي،

إن الصداقة والتعاون هو موضوع دائم للعلاقات الصينية الأفريقية. إن العلاقات الصينية الأفريقية لها ماضي لا ينسى، وتتمتع اليوم بتطور مستمر، ولدينا كل الأسباب التي تدعونا للاعتقاد أنه تحت جهود من كلا الجانبين، ستبشر العلاقات الصينية الأفريقية بمستقبل أكثر إشراقا. أشكركم على حسن استماعكم.

 ???? ??? ????     ?????

رقم 2 الشارع الجنوبي ، تشاو يانغ من ، حي تشاو يانغ ، مدينة بكين رقم البريد : 100701 التليفون : 65961114 - 10 - 86 +