رفع الشراكة الاستراتيجية الصينية الأفريقية من نوع جديد إلى مستوى أعلى

2012-07-17 13:13

رفع الشراكة الاستراتيجية الصينية الأفريقية من نوع جديد إلى مستوى أعلى

يانغ جيتشي

سيعقد الاجتماع الوزاري الخامس لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي في بكين خلال يومي 19 و20 يوليو الجاري، وهو سيكون حدثا كبيرا آخر في علاقات الصداقة والتعاون بين الصين وأفريقيا.

إن منتدى التعاون الصيني الأفريقي منذ تأسيسه في عام 2000 قد أصبح آلية هامة لإجراء الحوار الجماعي والتعاون العملي بين الصين وأفريقيا في العصر الجديد، وساهم مساهمة كبيرة في توسيع وتعميق التعاون الصيني الأفريقي، وخاصة أن قمة بكين والاجتماع الوزاري الثالث لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي في عام 2006 كانت علامة بارزة في مسيرة العلاقات الصينية الأفريقية بالإعلان عن إقامة الشراكة الاستراتيجية الصينية الأفريقية من نوع جديد التي تتسم بالمساواة والثقة المتبادلة سياسيا، والتعاون والفوز المشترك اقتصاديا، و التبادل والاستفادة المتبادلة ثقافيا.

إن الاجتماع الوزاري المقبل سيكون الأول من نوعه في العقد الثاني من القرن الـ21. سيحضر قادة الصين وبعض الدول الأفريقية حفل الافتتاح، وسيشارك في الاجتماع ووزراء الخارجية والتعاون الاقتصادي من الصين و50 دولة أفريقية، وكذلك رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي. سيعقد الاجتماع تحت شعار "فتح آفاق جديدة للشراكة الاستراتيجية الصينية الأفريقية من نوع جديد على أساس الإنجازات الماضية"، ويتم تقييم مدى تنفيذ نتائج الاجتماع الوزاري الرابع الذي عقد في مصر عام 2009، وتخطيط العلاقات الصينية الأفريقية في السنوات الثلاث القادمة .

وقد شهدت السنوات الثلاث الماضية نموا سريعا ومثمرا للعلاقات الصينية الأفريقية، وذلك يتمثل في المجالات التالية:

تعززت الثقة السياسية المتبادلة بين الجانبين. تكثفت الزيارات المتبادلة الرفيعة المستوى بين الصين والدول الأفريقية أكثر فأكثر، وتعمق التبادل والتعاون على كافة المستويات وفي جميع المجالات. قام الرئيس الصيني هو جينتاو وغيره من أعضاء قيادة الدولة والحزب للصين بزيارات عديدة لأفريقيا. وشهدت علاقات الصين مع الدول الأفريقية الصديقة والمنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الأفريقي تطورا شاملا. وتؤيد الصين بحزم جهود أفريقيا الرامية إلى تعزيز قوتها من خلال الوحدة ودفع عملية التكامل. وحظي مركز المؤتمرات للاتحاد الأفريقي الذي بنته الصين بإشادة عالية من الجانب الأفريقي، وهو يقف كرمز جديد للصداقة الصينية الأفريقية. وشاركت الصين بدور نشط في حل القضايا التي تؤثر على السلم والأمن في أفريقيا، وتدعم مساعي الدول الأفريقية للدفاع عن استقلالها وسلامة أراضيها وسيادتها، واختيار الطرق التنموية وحل القضايا الإقليمية بشكل مستقل. كما تقدم الدول الأفريقية باستمرار الدعم الثابت للصين في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية والرئيسية للصين.

أسفر التعاون العملي بين الجانبين عن نتائج مثمرة. إن الصين كبلد نام، تتعاطف مع الدول الأفريقية التي تعاني من تداعيات الأزمة المالية العالمية. على الرغم من الصعوبات الكثيرة التي تواجهها، تنفذ الصين بجدية جميع إجراءات المتابعة للاجتماع الوزاري الرابع، بما في ذلك زيادة المساعدات، وتوفير القروض الميسرة، وإلغاء الديون والتعريفات الجمركية، وتخصيص قروض خاصة للشركات الصغيرة والمتوسطة في أفريقيا، وبناء المدارس والمستشفيات والمراكز النموذجية للتكنولوجيا الزراعية، وإرسال خبراء زراعيين. وفي عام 2011، سجل حجم التبادل التجاري بين الصين وأفريقيا رقما قياسيا، إذ بلغ 166.3 مليار دولار، وظلت الصين أكبر شريك تجاري لأفريقيا لثلاث سنوات متتالية. وأسست الصين أكثر من 2000 شركة في أفريقيا بالاستثمارات المباشرة التي بلغت 14.7 مليار دولار.

يشهد التبادل الثقافي والإنساني بين الجانبين نموا وازدهارا. في السنوات الأخيرة، يتزايد التبادل والثقافي والشعبي بين الصين وأفريقيا بشكل ملحوظ، ويتطور بسرعة التعاون بينهما في مجالات التعليم والعلوم والتكنولوجيا والصحة وتطوير الموارد البشرية. وتم إطلاق مجموعة متنوعة من البرامج في هذا الصدد، ولا سيما "الثقافات الصينية والأفريقية تحت المجهر"، وبرنامج البحوث المشتركة والتواصل ومنتدى بنوك العقول، ومنتدى المنظمات الأهلية، ومنتدى القيادات الشبابية. وتم تأسيس 29 معهد أو فصل لكونفوشيوس في أكثر من 20 بلدا أفريقيا. وتوفر الحكومة الصينية كل عام أكثر من 5000 منحة دراسية للدول الأفريقية وتقوم بتدريب أكثر من 6000 مهني أفريقي في مختلف التخصصات.

أجرى الجانبان التعاون الوثيق في الشؤون الدولية. تدعم الصين بقوة الدول الأفريقية لتلعب دورا أكبر في الشؤون الدولية، وتدعو إلى زيادة التمثيل وحق التصويت للدول الأفريقية في الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية، وتدعم مشاركة الدول الأفريقية في الشؤون المتعددة الأطراف مثل مجموعة الـ20، وتدعم بقوة انضمام جنوب أفريقيا إلى آلية مجموعة البريكس. وتدعو الصين المجتمع الدولي إلى إيلاء المزيد من الاهتمام لقضية التنمية في أفريقيا، والوفاء بالتعهدات بتقديم المساعدات للدول الأفريقية، ومساعدة أفريقيا على تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، ومراعاة الهموم الأفريقية بشأن مفاوضات جولة الدوحة لمنظمة التجارة العالمية وإصلاح النظام المالي الدولي والتنمية المستدامة. كما أجرت الصين وأفريقيا التعاون الوثيق بشأن تغير المناخ ونجحت في حماية المصالح المشتركة للدول النامية.

تدل الحقائق على أن إقامة وتطوير الشراكة الاستراتيجية الصينية الأفريقية من نوع جديد أمر يساهم في إبراز نقاط القوة لكل من الصين وأفريقيا في تحقيق الازدهار والتقدم المشترك؛ ويساهم في جذب الاهتمام الدولي لأفريقيا ومساعدتها على تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية في أسرع وقت ممكن؛ ويساهم في تعزيز التعاون بين الجنوب والجنوب ورفع مكانة الدول النامية في المعادلة السياسية والاقتصادية الدولية؛ ويساهم في تعزيز الديمقراطية والعدالة في العلاقات الدولية في النظام الدولي، وبناء عالم متناغم يسوده السلام الدائم والازدهار المشترك.

يشهد عالم اليوم تطورات وتغيرات وتعديلات كبيرة. وصار السلام والتنمية والتعاون اتجاها أقوى من أي وقت مضى. وفي الوقت ذاته، تتعاقب التحديات الجديدة، ولا يزال الوضع الاقتصادي في العالم معقدا وصعبا. وتستمر الاضطرابات في بعض مناطق العالم. ولا تزال التنمية في العالم تعاني من عدم التوازن. وتحافظ أفريقيا على السلام والاستقرار والتنمية بشكل عام، إلا أنها تواجه أيضا المزيد من عوامل عدم الاستقرار وعدم اليقين. فإن تحقيق الأمن والاستقرار والإسراع بالتنمية الذاتية وتعزيز القوة من خلال الوحدة وتنشيط التعاون الدولي يمثل الرغبة المشتركة للشعوب الأفريقية.

إن الصين وأفريقيا صديقان حميمان، شريكان طيبان وأخوان متميزان. إن توطيد وتعزيز علاقات الصداقة والتعاون مع الدول الأفريقية كان وسيظل جزءا هاما من السياسة الخارجية السلمية والمستقلة للصين. وفي ظل الوضع الجديد، ستلتزم الصين كالمعتاد بالعمل مع الدول الأفريقية من أجل تعزيز الشراكة الاستراتيجية الصينية الأفريقية من نوع جديد، وتقديم إسهامات أكبر في السلام والتنمية في أفريقيا والعالم.

ستلتزم الصين التزاما قويا بالصداقة الصينية الأفريقية. وسنعمل على تعزيز التبادل والحوار السياسي وتبادل الخبرات للحكم مع الدول الأفريقية. وسنكثف التعاون مع أفريقيا في القضايا التي تتعلق بالسلم والأمن والتكامل الإقليمي في أفريقيا. ونرى أنه من واجبنا دعم التضامن والتعاون بين الدول النامية. لذلك، سنحافظ على الاتصالات والتنسيق مع أفريقيا بشأن القضايا الدولية الرئيسية، ونعمل على تعميق التفاهم والتضامن، بما يعزز الصداقة الصينية الأفريقية والثقة المتبادلة بين الجانبين من خلال التواصل والتعاون.

ستلتزم الصين التزاما قويا بتعميق التعاون العملي مع أفريقيا. سنغتنم الفرص التي تتيحها التنمية المتسارعة في الصين وأفريقيا لتوسيع نطاق التعاون واستكشاف طرق جديدة للتعاون وتحسين نوعية التعاون. وسنضع في اعتبارنا كل من الاحتياجات الأفريقية العاجلة والآجلة، وكل من تقديم المساعدات لأفريقيا وبناء القدرات على التنمية الذاتية لها، بما يدفع التعاون الصيني الأفريقي بطريقة تساهم في التنمية الذاتية والمستدامة في أفريقيا وتحقيق المنافع المتبادلة لكلا الجانبين على مستوى أعلى .

ستلتزم الصين التزاما قويا بتعزيز التبادل الثقافي والإنساني باعتباره أمرا ذا أهمية أكبر للعلاقات الصينية الأفريقية. سنؤسس المزيد من المنصات والبرامج المتميزة في هذا الصدد، ونعمل على توسيع التبادل المباشر بين الأجهزة الثقافية والإعلامية والمنظمات الأهلية وبنوك العقول في الصين وأفريقيا، بما يهيئ مناخ الرأي العام المواتي ويرسي أسسا اجتماعية متينة لتحقيق نمو سليم ومستقر للعلاقات الصينية الأفريقية .

ستلتزم الصين التزاما قويا بتطوير منتدى التعاون الصيني الأفريقي. انطلاقا من روح المبادرة والإبداع ومواكبة تطورات العصر، سنعمل على تعزيز البناء المؤسسي للمنتدى وإثراء مضمونه وخلق المزيد من النقاط المضيئة له. وسنتخذ إجراءات التعاون التي تلبي متطلبات العصر وحاجات الجانبين، بحيث يجعل منتدى التعاون الصيني الأفريقي منارة توجه العلاقات الصينية الأفريقية، وإطارا فعالا لتعزيز الحوار والتبادل بين الصين وأفريقيا، ومحركا قويا لدفع التعاون العملي الصيني والأفريقي .

"الأصدقاء الحقيقيون ملتزمون بوعد اللقاء، حتى ولو قطعوا ألف ميل." إن الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي الذي يعقد مرة كل ثلاث سنوات، هو وعد بين الصين وأفريقيا. ومن أجل الصداقة، سيأتي إلينا الأصدقاء الأفارقة، للاتقاء مع إخوانهم وأخواتهم في الصين. الآن، تم إنجاز كافة الأعمال التحضيرية للاجتماع الوزاري الخامس، ويتطلع الجانبان الصيني والأفريقي إليه بلهفة. وتحدوني ثقة بأن الاجتماع الوزاري سيتكلل بنجاح كامل تحت جهودنا المشتركة، وسيرفع الشراكة الاستراتيجية الصينية الأفريقية من نوع جديد إلى مستوى أعلى.

(الكاتب هو وزير الخارجية لجمهورية الصين الشعبية، والرئيس الفخري المشترك للجنة الصينية لمتابعة أعمال منتدى التعاون الصيني الأفريقي.)

 ???? ??? ????     ?????

رقم 2 الشارع الجنوبي ، تشاو يانغ من ، حي تشاو يانغ ، مدينة بكين رقم البريد : 100701 التليفون : 65961114 - 10 - 86 +