كلمة الرئيس هوجينتاو في قمة رجال الأعمال لمنظمة إيبك

2005-11-19 00:00

ترسيخ مفهوم الانفتاح وتحقيق التعاون الذي يعود بالمكاسب على الجميع

السيد الرئيس المحترم، السيدات والسادة والأصدقاء،

يسعدني أن تتاح لي اليوم فرصة لقاء بقادة الأعمال لتبادل وجهات النظر حول التعاون من أجل المكاسب للجميع.

إن التنمية في الصين محل اهتمام واسع من المجتمع الدولي، وفي الوقت الذي ينظر العالم فيها إلى الصين برؤية جديدة، تتأمل الصين في مسألة مهمة، ألا وهي كيف تواصل الصين المساهمة في الازدهار العام في المنطقة والعالم من خلال تحقيق التنمية الذاتية. أود أن أطرح عليكم اليوم عدة ملاحظات حول هذه المسألة.

شهدت الصين نموا اقتصاديا متسارعا منذ سبعينات القرن الماضي، وتتنامى قدرات الصين الشاملة بشكل مطرد، وتتحسن معيشة أبناء الشعب الصيني البالغ عددهم 1300 مليون نسمة بصورة مستمرة، في عام 2004، سجل الاقتصاد العالمي نموا قياسيا في السنوات الـ30 الماضية، والاقتصاد في آسيا – الباسفيك سجل المستوى القيادي منذ عام 2000 أيضا، بينما حققت الصين معدل النمو الاقتصادي 9.4%. في عام 2004، تم مضاعفة قيمة التجارة الخارجية للصين مرتين عما كانت عليه قبل 3 سنوات لتبلغ 1154.8 مليار دولار، ووصلت قيمة الواردات إلى 561.4 مليار دولار بزيادة حولي ضعف عما كانت عليه قبل 3 سنوات. من ضمنها، تقدر قيمة التجارة مع أعضاء منطقة آسيا – الباسفيك بـ760 مليار دولار، ما يمثل 72.7% من إجمالي الواردات الصينية. لحد نهاية عام 2004، تقدر الاستثمارات الأجنبية المنفذة في الصين بـ745.3 مليار دولار، وبلغ عدد مؤسسات الاستثمارات الأجنبية أكثر من نصف مليون مؤسسة، وتقدر أرباح مؤسسات الاستثمارات الأجنبية بـ250.6 مليار دولار في الفترة ما بين عام 1990-عام 2004. كل هذه الحقائق تثبت بأن التنمية في الصين لم تعد على الشعب الصيني بمنافع ملموسة فحسب، بل وفرت لدول العالم فرصا استثمارية هائلة وأسواقا واسعة، مما يجعل الصين قوة دافعة رئيسية لنمو الاقتصاد في آسيا – الباسفيك والعالم.

السيدات والسادة والأصدقاء،

تتواجد الفرص والتحديات في عالم اليوم. تتطور العولمة الاقتصادية بشكل معمق ومطرد وتطور العلوم نفسها مع مرور الأيام، وتتسارع هجرة الصناعات الدولية والعوامل الإنتاجية، مما يحدث ظروفا مواتية كثيرة للنمو الاقتصادي العالمي، ومن ناحية أخرى، التنمية الاقتصادية في العالم مازالت غير متوازنة، وتتوسع الفجوة بين الجنوب والشامل، ويبرز تقييد الطاقة والبيئة على التنمية الاقتصادية وتطفو الحمائية التجارية على الساحة من جديد، وتواجه التنمية الاقتصادية العالمية صعوبات ومشاكل كثيرة، الأمر الذي يدعونا أن نوليه اهتماما بالغا ونعالجه بشكل مدروس.

قضية الطاقة قضية عالمية. ترتبط بشكل وثيق مع النمو الاقتصادي العالمي. من الناحية التاريخية، نجد أن كل خطوة للبشرية في تقدمها تتماشى مع ترقية أو استبدال موارد الطاقة. فالتنمية المتوازنة والمنظمة للاقتصاد العالمي تتطلب المعالجة المدروسة لقضية الطاقة. منذ عام 2004، يرتفع سعر النفط بسرعة في الاسواق الدولية، مما يؤثر سلبا على نمو الاقتصاد العالمي عامة ونمو الاقتصاد في الدول النامية خاصة. لكن يجب أن نلاحظ أن أسواق الطاقة الدولية في مجملها ما زالت في توازن بين الطلب والعرض، ولم تظهر أزمة في إمدادات الطاقة. الأهم في الوقت الحالي هو بذل دول العالم جهودا مشتركة للحفاظ على استقرار سوق الطاقة، بما يهيئ بيئة وافرة وآمنة ومقتصدة ونظيفة من الطاقة لصالح التنمية الاقتصادية العالمية. وفي نفس الوقت، يجب التحلي برؤية مستقبلية، ومضاعفة جهود لاستخراج مزيد من موارد الطاقة وتعميق التعاون في قطاع الطاقة ورفع مستوى فعالية استغلال الطاقة وتشجيع استخدام موارد الطاقة الجديدة. إن الصين تحرص على تعزيز الحوار والتعاون مع دول العالم في مجال الطاقة بما يصون أمن واستقرار إمداد الطاقة في العالم.

تماشيا مع النمو الاقتصادي الصيني، يرتفع احتياج الصين إلى الطاقة. لكن المستوى الفردي لاستهلاك الطاقة ليس عاليا. في عام 2004، كان المتوسط الفردي لاستهلاك الطاقة يساوي 1.08 طن من النفط فقط، ما يمثل 66% للمتوسط العالمي الذي يساوي 1.63 طن من النفط. في عام 2004، استوردت الصين 117 مليون طن من النفط الخام، ما يمثل 6.31% للحجم الإجمالي للتجارة العالمية للنفط الخام. في الفترة ما بين عام 1990-عام 2004، حققت الصين معدل النمو الاقتصادي السنوي 9.3% مقابل معدل نمو استهلاك الطاقة السنوي 5% فقط.

ليست الصين دولة كبيرة في استهلاك الطاقة بقدر ما تكون دولة كبيرة في إنتاج الطاقة. منذ التسعينات للقرن الماضي، تحافظ الصين على معدل الاكتفاء الذاتي للطاقة فوق 90%. يمثل الفحم القوام الرئيسي في هيكل موارد الطاقة في الصين، ومازال هناك إمكانيات هائلة في استخراج مزيد من موارد الطاقة الوطنية، خاصة في توليد الكهرباء بالماء والطاقة النووية والرياح والمواد البيولوجية. تتمثل استراتيجية الطاقة للصين في إرشاد استهلاك الطاقة من خلال رفع مستوى الفعالية والاعتماد أساسا على الموارد الوطنية والعمل على تنويع مصادر الطاقة، وبناء نظام مستقر ومقتصد ونظيف لإمدادات الطاقة.

يجب أن ننظر إلى قضية عدم التوازن التجاري العالمي برؤية ديالكتيكية ومنظور التنمية الاقتصادية العالمية مثلما ننظر إلى قضية الطاقة. هناك حقيقة وهي نمو التجارة الدولية يساهم في توزيع الموارد على نحو أمثل في العالم بأسره، ويدفع نمو الاقتصاد العالمي، ويعود على شعوب العالم بمنافع ملموسة، على الرغم من ظهور بوادر عدم التوازن التجاري، غير أن المنفعة المتبادلة والمكاسب المشتركة ما زالت تمثل التيار السائد في التجارة الدولية. فيتعين علينا أن نعمل على توسيع التبادل التجاري الدولي على أساس تبادل المعاملة التفضيلية والمنفعة بما يفتح آفاقا من التكامل والاستفادة المتبادلة بين اقتصاديات دول العالم.

السيدات والسادة والأصدقاء،

على الرغم من أن الصين حققت إنجازات مرموقة في التنمية الاقتصادية، غير أن الصين مازالت أكبر دولة نامية في العالم، عدد السكان فيها ضخم، والأسس الاقتصادية فيها ضعيفة، والتنمية فيها غير متوازنة، فأمام الصين طريق طويل قبل أن تنجز عملية التحديث وتحقق الثراء المشترك لمواطنيها.

الشعب الصيني شعب يحب السلام. ويؤمن الشعب الصيني بأن الطرق السلمية وحدها تؤدي إلى تنمية دائمة وحقيقية، وتنمية لصالح الشعب الصيني وشعوب العالم على حد السواء. تلتزم الصين بطريق التنمية السلمية وتسعى إلى تحقيق التنمية الذاتية من خلال تهيئة بيئة دولية سلمية، وتساهم في السلام العالمي من خلال تحقيق التنمية الذاتية أيضا. تتمسك الصين بمنهج الإصلاح والانفتاح، وتشارك في التعاون الدولي على نطاق واسع. وتعمل على تحسين البيئة الاستثمارية وتحرير أسواقها بما يحقق المنفعة المتبادلة مع دول العالم. الحقائق أثبتت بأن التنمية في الصين لن تشكل عرقلة أو تهديدا لأحد، إنما تخدم السلام والاستقرار والازدهار في العالم.

السيدات والسادة والأصدقاء،

إن السلام والتنمية والتعاون يمثل الإرادة الموحدة لشعوب العالم. أود أن أطرح عليكم مقترحا من أربع نقاط حول سبل تحقيق المكاسب للجميع من خلال تفعيل التعاون المشترك:

أولا، ترسيخ مفهوم الانفتاح والعمل على بناء عالم موائم. يجب احترام حق دول العالم في اختيار بنفسها الطريق التنموي الخاص بها، والعمل بروح الديمقراطية والمساواة على دفع التواصل والحوار بين الحضارات المختلفة بما يحقق التكامل التسامح والاستفادة المتبادلة ويساهم في بناء عالم موائم يسوده السلام الدائم والازدهار المشترك.

ثانيا، زيادة الثقة المتبادلة وتوسيع التواصل الاقتصادي والتجاري ويجب العمل على تحرير وتسهيل التجارة والاستثمار على أساس الثقة المتبادلة والتقليل من القيود على تصدير التقنيات وإزالة حواجز التجارة بما يساهم في بناء بيئة تجارية قائمة على العدالة والإنصاف والموضوعية والانفتاح.

ثالثا، يجب إعطاء الأولوية للحوار والتشاور وإيجاد حلول مناسبة للنزاعات. ويجب تعزيز التفاهم والتشاور على أساس المساواة والمنافع المتبادلة وبروح التفاهم والروح العملي والصادق بما يساهم في احتواء الخلافات والنزاعات ويجب بذل أقصى جهد ممكن لدفع التنمية المستديمة للتعاون الاقتصادي والتجاري الدوليين، لما فيه الخير لشعوب العالم.

رابعا، يجب تعزيز التضامن والتعاون لصيانة الأمن والاستقرار. يجب على شعوب العالم بذل جهود مشتركة يدا في يد لتفعيل التعاون الصادق لمواجهة التحديات والمخاطر المختلفة وتوفير بيئة آمنة للتنمية المشتركة والازدهار العام.

السيدات والسادة والأصدقاء،

تمثل المؤسسات الحاملة الرئيسية في تدفق العوامل الإنتاجية على المستوى الدولي، وتشكل العنصر الحيوي لدفع التطور الصحي والمستقر للعلاقات الاقتصادية والتجارية الدولية. ترحب الصين بكل صدق بالمؤسسات الأجنبية لممارسة أعمالها في الصين. وترحب بجميع قادة الأعمال لمواصلة توسيع التعاون مع المؤسسات الصينية بما يساهم في التنمية المشتركة في المنطقة والعالم.

وشكرا لكم.

 ???? ??? ????     ?????

رقم 2 الشارع الجنوبي ، تشاو يانغ من ، حي تشاو يانغ ، مدينة بكين رقم البريد : 100701 التليفون : 65961114 - 10 - 86 +