صاحب الفخامة رئيس الوزراء ميليس زيناوى المحترم،
أصحاب الفخامة رؤساء الدول والحكومات المحترمين،
صاحب الفخامة رئيس منظمة الاتحاد الافريقي ألفا عمر كونارى المحترم،
أصحاب الفخامة رؤساء الوفود الوطنية، والوزراء ، والسفراء،
السيدات والسادة :
إنه لمن دواعى سروري أن أحضر إلى أديس أبابا وأشارك الأصدقاء الحاضرين المؤتمر الوزاري الثاني لمنتدى التعاون الصيني- الافريقي للمشاورة في خطط التعاون بين الصين وافريقيا. وبصفتى رئيس مجلس الدولة في الصين، رئيسة المؤتمر بالمشاركة، أود أن أقدم نيابة عن حكومة الصين أحر ترحيب بكافة الوفود المشاركة، وأعبر عن شكرى العميق لحكومة اثيوبيا لجهودها المشكورة وترتيباتها الدقيقة لهذا المؤتمر.
قبل ثلاث سنوات، اجتمع الوزراء الصينيون والأفارقة في بكين حيث أنشأوا معا منتدى التعاون الصيني ـــ الافريقي، ليستهلوا بذلك حقبة جديدة من التعاون بين الصين والدول الافريقية. ومنذ ذلك الحين قد شهد التعاون بين الصين وافريقيا على كافة المجلات تعزيزا مطردا، وانجازات ملحوظة، بحيث أصبحت الصداقة والثقة بيننا أقوى وأعمق، وأصبح التعاون بيننا فى الشؤون الدولية بناء ومثمرا، فينمو التعاون التجارى والاقتصادى بين الصين والدول الافريقية نموا مصحوبا بقوة دفع أكثر. فاتخذت الصين مزيدا من الاجراءات الايجابية لزيادة وارداتها من الدول الافريقية، وبالتالي زادت التجارة بين الصين وافريقيا بنسبة أكثر من 20 بالمائة. كما أنشئت 117 شركة جديدة باستثمارات صينية في افريقيا، وبدأ التعاون الثنائي بيننا فى تنمية الطاقة وصناعات التكنولوجيا الفائقة فى الانطلاق. وبالاضافة إلى ذلك، فإن التعاون بيننا فى تنمية الموارد البشرية يجرى على قدم وساق. وقد نفذت الصين عددا من البرامج التدريبية، ودربت حوالى 7 آلاف أفريقى على مجموعة واسعة من المهن. وأوفت حكومة الصين، قبل الموعد ، بتعهداتها بالاعفاء من الديون ، وألغت الديون المستحقة لها والتى بلغت 10.5 مليار يوان (رنمنبى) على 31 دولة افريقية. ان أنشطة متابعة المنتدى لا تدعم الدول والشعوب الافريقية الشقيقة فى سعيهم للتغلب على الصعوبات ، وتحقيق الانتعاش الوطنى والتنمية، فحسب بل برهنت الآفاق الرحبة والحيوية القوية للصداقة والتعاون بين الصين وافريقيا فى ظل الظروف التاريخية الجديدة .
مع أن التغيرات المعقدة والعميقة التى يشهدها عالم اليوم الا أن السلام والتنمية يظلان أهم موضوعات العصر، وان طموحات السلام والاستقرار والتنمية تشترك فيها شعوب العالم. ولكن نزعة الهيمنة بدأت تطل بوجهها القبيح، والصراعات الإقليمية مستمرة لا يهدأ أوارها، كذلك فإن المشاكل الأمنية غير التقليدية مثل الإرهاب والأمراض المعدية، والتدهور البيئى، وتفاقم حدة الفقر قد برزت أكثر وضوحا على الساحة. والعولمة الاقتصادية ، فى الوقت الذى تحمل فيه معها فرص للتنمية لكافة الدول ، تشكل أيضا تحديات غير مسبوقة للدول النامية. وجعلت الفجوة متزايدة الاتساع بين الشمال والجنوب، وبين الاغنياء والفقراء، وجعلت الحفاظ على الامن الاقتصادى وتحقيق التنمية المستدامة اكثر صعوبة بالنسبة للدول النامية، وخاصة الدول الافريقية .
لقد أدى التقدم السريع للعلوم والتكنولوجيا، والتعمق المستمر للعولمة الاقتصادية، الى تحقيق التقارب بين الدول، وجعل الدول أكثر ارتباطا ببعضها. وفى مثل هذا الوضع،أصبح بناء عالم تكون كل الدول فيه رابحة متمتعة بالمنفعة المتبادلة بواسطة الحوار والتعاون، قضية هامة وملحة وعملية أمامنا جميعا. ومن الواضح تماما أنه لن يمكن الحفاظ على السلام والتنمية فى العالم إذا ازدادت الهوة بين الشمال والجنوب اتساعا، وأصبحت الدول النامية أكثر فقرا. ومن ثم يجب على المجتمع الدولي أن يولى مزيدا من العناية والاهتمام، ويبدى مزيدا من التفهم تجاه الدول الافريقية التى تواجه تحديات خاصة مثبطة للهمم فى عملية العولمة الاقتصادية، ويجب ان يقدم مزيدا من الدعم والمساعدات الملموسة للحكومات والشعوب الافريقية، كما يجب ان يساعد الدول الافريقية في تنمية نفسها .
السيدات والسادة والأصدقاء :
إن الصين هى أكبر دولة نامية، وافريقيا هى أكبر قارة نامية. لذلك فإن التعاون الصيني ـــ الافريقي جزء لا يتجزأ من التعاون بين الجنوب ــــ الجنوب. وإن السياسة الثابتة لحكومة الصين الجديدة هى تدعيم التضامن والتعاون مع الدول الافريقية والدول النامية الأخرى . ونحن مستعدون للعمل مع الدول الافريقية من اجل مواصلة تطوير وتدعيم نمط شراكتنا الجديد الذى يتسم بالاستقرار طويل الاجل ، والمساواة ، والمنفعة المتبادلة، والتعاون الشامل لجعل هذه الصداقة قدوة للتعاون بين الجنوب ــــ الجنوب. إننا نؤمن بان التعاون الصيني ــــ الافريقي يجب أن يتجسد فى المزيد من الاعمال، ويجب أن يسهم فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول الافريقية وفى جهودها لتحسين مستوى معيشة شعوبها. وبموجب هذا المبدأ، أود أن أقدم المقترحات الآتية حول كيفية تعزيز العلاقات الصينية- الافريقية :
1- تعزيز تنمية الصداقة التقليدية بين الصين وافريقيا عبر الدعم المتبادل . وحكومة الصين على استعداد لمواصلة توسيع التبادلات العالية المستوى بين الجانبين، واعطاء قوة دفع جديدة للعلاقات الودية الصينية ـــ الافريقية، ولالية منتدى التعاون الصيني ـــ الافريقي من خلال اجتماعات وحوارات دورية على مستوى القادة. وان الصين تساند الدول الافريقية فى إقامة الاتحاد الافريقى، وتطبيق برنامج الشراكة الجديدة من اجل التنمية فى افريقيا / نيباد /، وتعزيز عملية التكامل والتعاون الإقليمي وشبه الاقليمي. وسوف تواصل حكومة الصين حث المجتمع الدولى، وخاصة الأمم المتحدة ، على اتخاذ كافة الاجراءات اللازمة لدعم الدول الافريقية والمنظمات الإقليمية فى جهودها لتسوية الصراعات. وسوف تواصل الصين المشاركة فى عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة فى افريقيا، وتقديم المساعدة لجهود حفظ السلام التى تقوم بها المنظمات الافريقية الاقليمية .
2- تعزيز الديمقراطية فى العلاقات الدولية من خلال تكثيف التشاور. ان لدى الصين وافريقيا نفس الهدف والمصالح فى تعزيز الديمقراطية فى العلاقات الدولية. ونحن نؤيد موقف افريقيا حول التعددية، ويجب على المجتمع الدولى تكثيف المشاورات، والعمل من اجل الحفاظ على تنوعية العالم، وتسهيل التبادلات والتبارى بين الحضارات وأنماط التنمية المختلفة. إننا نؤيد الالتزام بأهداف ومبادى ميثاق الأمم المتحدة، وحماية سلطة الأمم المتحدة، ودورها الرائد فى معالجة القضايا الدولية الرئيسية. وسوف تقف الصين، بصفتها عضوا دائما فى مجلس الأمن الدولى، على الدوام جنبا إلى جنب مع الدول النامية فى افريقيا وأجزاء العالم الاخرى، وتدعم مطالبها المشروعة ومقترحاتها المعقولة.
3- المواجهة الجماعية لتحديات العولمة من خلال تنسيق المواقف. ونرى أنه على الدول النامية أن تستفيد من عملية العولمة بدلا من أن تهمش. كما يجب على المجتمع الدولي اتخاذ خطوات لمساعدة تلك الدول فى التغلب على الصعوبات، وتعزيز قدراتها على تحسين الذات، وحماية البيئة، والتنمية المستدامة. وعلى الدول المتقدمة التزام ومسؤولية بفتح أسواقها بشكل اكبر، والغاء الحواجز التجارية والدعم الزراعى، والوفاء باخلاص بتعهداتها تجاه الدول النامية ، من خلال تقديم المزيد من المساعدات والاعفاء من الديون. إن حكومة الصين تدعم وسوف تشارك بنشاط فى حوار الشمال - الجنوب، وهى على استعداد لتنسيق مواقفها مع الدول الافريقية فى عملية صياغة القواعد الاقتصادية الدولية، ومفاوضات التجارة المتعددة الاطراف، بغرض حماية الحقوق والمصالح المشروعة للدول النامية.
4- فتح صفحة جديدة فى العلاقات الودية الصينية-الافريقية من خلال تعزيز التعاون. ومن اجل تسهيل التعاون العملى بين الصين وافريقيا، سوف تزيد حكومة الصين تدريجيا من المساعدات التى تقدمها لافريقيا فى إطار منتدى التعاون الصينى-الافريقى. وسوف نفتح اسواقنا بشكل اكبر، ونفتح أسواقنا دون رسوم لبعض السلع القادمة من الدول الأقل تقدما فى افريقيا. وسوف نزيد من استثمار رؤوس الأموال فى صندوق تنمية الموارد البشرية الافريقى بنسبة 33 بالمئة، وتوفير مختلف أنواع التدريب المهنى إلى عشرة آلاف افريقى فى الأعوام الثلاثة القادمة. وسوف نشجع ونسهل التعاون ذا المنفعة المتبادلة بين الشركات الصينية والافريقية، ونشجع الشركات الصينية على الاستثمار فى افريقيا. وسوف تمنح الصين ثمانى دول افريقية أخرى وضع الوجهة السياحية المعتمدة للسياح الصينيين من اجل زيادة التعاون السياحى مع افريقيا. ونقترح إقامة " مهرجان شباب الصين ـــ افريقيا"، والقيام بانشطة تبادلات ثقافية كبرى تتناول افريقيا كموضوع لها فى الصين العام القادم. وسوف نتعاون بكل نشاط مع الدول الافريقية فى الوقاية من فيروس نقص المناعة/ الإيدز، والملاريا، والسل الرئوى، والامراض المعدية الأخرى وعلاج كل منها، وكذا فى الوقاية من الكوارث الطبيعية، وحماية البيئة.
السيدات والسادة والأصدقاء :
أن الصين استطاعت أن تحقق اختراقة تاريخية فى التنمية الاقتصادية والقوة الوطنية المجمعة بفضل اكثر من 20 سنة من الاصلاح والانفتاح. ويعيش الشعب الصينى بأسره حياة أفضل. ولكن تعداد الصين اصبح 1.3 مليار نسمة، ومع أن حجم الاقتصاد الاجمالي الصيني يعد من أكبر اقتصاديات العالم ، إلا أنه لا يزال منخفض كثيرا من حيث نصيب الفرد. إن الصين دولة كبيرة تشهد تنمية متفاوتة ومستوى انتاجية عام منخفض نسبيا. ولا يزال أمامنا طريق طويل لنقطعه قبل أن ننجز هدف التحديث. وفى ظل هذه الظروف، فإن حجم المساعدات التى يمكن ان تقدمها الصين للدول الافريقية محدود. بيد أننا نقدم مساعداتنا باخلاص عميق دون اية شروط سياسية. ولدينا إيمان راسخ بان الدعم والمساعدة بين الدول تبادلي، ولن ننسى أبدا الدعم الغالى الذى قدمته الدول الافريقية للصين خلال السنوات الماضية فى سعينا لحماية سيادة الصين ووحدة أراضيها. ونحن مستعدون لمواصلة هذا التعاون المخلص دائما .
السيدات والسادة والأصدقاء:
إن تعداد سكان الصين وافريقيا مجتمعتان يربو على ثلث سكان العالم. وإن التعاون الودى بيننا فى تعزيز تنمية دولنا ونهضها هو فى ذاته اسهام هام فى السلام والتنمية فى العالم. دعونا، فى ظل الظروف الجديدة، نوحد جهودنا للبناء على انجازاتنا السابقة، والارتقاء بالتعاون الودى الصيني - الافريقي إلى آفاق جديدة .
وأتمنى للمؤتمر الوزارى الثانى النجاح التام .
وشكرا لكم .